احصائيات المدونة

الخميس، 29 مارس 2012




 گتاب في العادات والتقاليد للباحث الأستاذ عبداللاه سالم الضباعي سرو حمير يافع





عرض: علي محمد يحيى


 خصني الصديق العزيز الشاعر الحميني الشعبي والباحث في قضايا الموروث الشعبي عبد اللاه بن سالم الضباعي بكتاب بحثي هام، أخال أنه يكاد من البحوث القليلة التي تناولت جوانب التراث اليمني من عادات وتقاليد بكل ما فيها من الأصالة وتراكمات ثقافية مجتمعية..
اعتمدت ـ أي الدراسة ـ على عناصر ومعايير علمية في تحقيق غاية الباحث والكتاب موسوم بعنوان «الحياة الاجتماعية ومظاهر الحضارة في سرو حمير ـ يافع» وهو من القطع الكبير، يضم بين دفتيه ستمائة وأربعين صفحة وصدر عن مركز عبادي للدراسات والنشر في طبعته الأولى هذا العام 2009م.


وازعم أن هذا الكتاب فيما عرضه لموضوعٍ كهذا - فإن قلة هم الذين تناولوه هذا العمق والمصداقية آخذاً بالاعتبار محذورات الاثباتات أو المنحازة أو المشكوك فيها - وما أرى في هذه الدراسة إلا أنها قد جاءت لتملأ بعضاً من فراغٍ في هذا المضمار، مع ما يحسب للباحث فيما اختطه لنفسه في منهجه وأسلوبه البحثي الصارم غير المنحاز أمام حقائق التاريخ للمنطقة التي غطاها في بحثه وللحياة الشعبية وللعادات والتقاليد فيها، وكذلك فإنه يحسب له أيضاً أنه لبى حاجتنا كقراء كما هي حاجة الباحثين والدارسين للاطلاع على دقائق واقع الحياة الشعبية لجزءٍ من هذه الأرض الطيبة، ولأغراض دراسة مقارنة لعادات الناس وتقاليدهم فيها وترابط نسيج بعضها مع مناطق أخرى من اليمن.

ولأنني قد حظيت في فترات سابقة متفرقة بأن أهداني صديقي المؤلف مجموعاته الشعرية الحمينية الشعبية الثلاث فلم استغرب منه تلك العلاقة الملتزمة بين شعره ونثره البحثي مع ارتباطه الوثيق بالأرض والتاريخ ووفائه لهما.. وأنني لأجد هنا في هذا المقام ما أفسر به هذه العلاقة الجدلية بين ما أورده في قصيدة «افخر بيافع» وما صاغه في بحثه عن سرو حمير قوله:


هم سرو حمير سلالة نسل لبطالي
تاريخ لنساب متسجل في القرطاس
وهم حماة اليمن من عهد لذوائي
ووحدة الأرض هم عمدانها والساس
تاريخ يافع مدون حفظ لسجالي
هذا السلف والخلف كالوا بنفس الكاس
للعهد والأصل ماسك طول ما طالي
ماسك بأصله وفصله دون كل الناس


وقد سطر الكاتب في مقدمة كتابه ليشير في فاتحتها إلى دوافعه في تأليف هذا البحث المنبعثة من هواية قديمة ترسخت في نفسه منذ الصغر لعيشه في أجواء تراثية وتاريخية فيها العزة والشهامة والنخوة والقيم الإنسانية والابداع والجمال التي لا يمكن الشعور بها مالم يكن المرء قد عاشها، حسب تعبيره، ودافعه الثاني هو ما يخشاه مما تتعرض له موروثاته من الانقراض التدريجي والتلاشي بفعل تأثير عوامل الحداثة ومؤثرات عصر التكنولوجيا التي نشهدها اليوم، والدافع الأهم الذي شجعه للإقدام على هكذا عمل هو ما ورثه عن والده رحمه الله من قدر كبير من كنوز ثمينة لا تقدر بثمن من وثائق ومخطوطات تاريخية في مختلف مناحي الحياة في يافع سرو حمير يرجع أمد بعضها إلى القرن العاشر الهجري.

والباحث الأستاذ الضباعي قد وضع خطة بحثه في الكتاب ليجعله موزعاً على خمسة أبواب وجعل كل باب من أبوابه الخمسة له فصول ومباحث ـ ومطالب ـ واشتمل الباب الأول على توثيق تاريخي للحياة السياسية والتركيبة الاجتماعية منذ ماقبل الإسلام مروراً بالحدث العظيم حين نزلت الرسالة ثم فتوحات الدين الحنيف، وفي الباب الثاني كان للحياة الاقتصادية ومظاهر الحضارة حيز عريض استوعب فيه حياة الزراعة ومواسمها ومحاصيلها مع ما صاحبها من ازدهار للأنشطة التجارية ونشوء المجتمعات الحضرية مع ما تأسس أثناها من مدن وعمران وذكر الكثير من ميراث المنطقة من آثار ونقوش على مر تاريخها وفي الباب الثالث كان للحياة الاجتماعية ومظاهرها نصيب وافر من الدراسة التي شملت عادات مجتمع «أهل يافع» في أفراحهم وأتراحهم ومأكلهم وملبسهم والحياة الاسرية والمصاهرة والانتساب، أما الباب الرابع الذي أرى فيه أنه سيكون الشغل الشاغل لأهل الأدب والفن والثقافة الشعبية لما فيه من متعة الغوص في أعماق الوجدان والذاكرة، وأيما متعة وقد وسمه الباحث بعنوان «الحياة العلمية والأدبية» وخاتمة الأبيات هو ما احتواه من كم غير قليل من الوثائق التاريخية والصور النادرة إذ اهتم بها الباحث لتصل إلينا في دقة وضوحها ونقاوتها.
 
فلا غرو إذاً ولا غرابة حين اهتمت منتديات محافظة عدن حين دعت مؤلف الكتاب لتستضيفه في محافلها الخاصة لتحتفي به وبكتابه ليتحدث عن مسيرة سنوات ثلاث من الاعداد له حتى ظهر إلى النور مع كل معاناته بما فيها من مفرحات ومنغصات.

نشر هذا العرض في الجمهورية نت صحيفة الثقافية العدد(507) الأحد 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2009م  


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More