احصائيات المدونة

الأربعاء، 21 مارس 2012

تقديم ديوان (حالات) للشاعر الضباعي


تقديم ديوان حالات



قدم له :الشاعر والناقد عبد الرحمن إبراهيم


الشِّعر حالةٌ إنسانيَّة شعورية تتوهَّج فيها الرُّوحُ وتحترقُ احتراقاً بديعاً يُهذبُهُ اللسان ، وترتقي به إلى أعالي الأشجان المؤثرة ، وآفاق الوجدان .إنّهُ بقدر ما هو احتراق ؛ فهو اختراق للواقع . وإذا كانت هذه حالةُ الشِّعر بعامةٍ . فما هي حالةُ الشِّعر العامي بالنسبة للإنسان العربي، واليمني بخاصةٍ الذي يحاصرهُ الجهلُ والجهالةُ الجهلاءُ ، على حدّ تعبير دُهاةِ العَرَب (زياد بن أبيه ) . على الرغم مما تحقق من تطورات إيجابية .وتوثباتٍ نوعية وسريعة بمقياس الزَّمن والإبداع المعاصر: التقعيد والشروطاتُ المخشَّبة على حد ِّ تعبير الجاحظ بهذه الوصفة الحقيقية ضدَّ الشعر الجامد والصارمة في قول الشعر المُحنَّط . وفي هذا الصَّددِ تذكَّرت قول نزار قباني الذي ملأ الدنيا وشغل النَّاس بين راضٍ وحاسد (حاقد ). كما شغل النَّاس قَبْلهُ (المتنبي) يقول سيد الشعراء (نزار طبعاً):شعرتُ بشيء وعبَّرت عنه بِعَفويـةٍ دون أن أقصدا هكذا عبَّر شاعرُنا عبداللاه الضباعي , أجل هكذا عبّر عن همومنا و ألآمنا بعفويه وثقةٍ عاليةٍ بالنفس الشاعرُ عبداللاه الضباعي (الإنسان الجميل رُوحاً) عبر عن همومنا وأحاسيسنا بعفوية وثقة تصل حدّ الصَّراحة . الشاعر عبداللاه الضباعي ، يقدِّم رؤيةً مخلصةً للواقع اليمني ، بهدف الخروج من حالة التخلُّف . إنَّه شاعر ينطلق من وسطِ الواقعِ وأشجانه المكتظَّة بالمتناقضات دون تعالٍ.هذه مهمة قسوى ،لاسيما على الشعراء . هذه مهمة الشاعرِ المستوعب بذكاءٍ وحذاقة- معطيات الواقع بشفافية ناعمة وفيها شيء من الحذر النقدي يُعد الشاعر امتداداً لتلك الأصوات الجميلة الشعرية في اليمن .الشاعر عبداللاه الضباعي ، في مجموعته الشعرية الثالثة (حالات ) .الوفاء للوطن شيءٌ جميلٌ ، وما أجمل الشعر حتى يعانقُ الواقع ومشكلاته الصغيرة والكبيرة. أجل ؛ إنَّ الشاعر ينطلق من المقاييس ، ليس الثبوتية، الشاعر ينطلق من ((أللا قاعدة هي القاعدة الذَّهبية)). وهذا تعبيرُ(برنادشو) الفيلسوف الساخر . الشاعر الضباعي .. يتحرر من الثبوت والقواعد .. إنَّه يتحرَّك وتنزاحُ كلماته عَنْ مواقعها.

لكل شي في حياة المجتمع مقيــاس
وقاعدة ثابتة تحكم مقايـيـســه
القاعدة في المباني تعتمد عالـسـاس
الدَّار ينهار لو ما احكمت في ساسه
وعَكْسَها الجسم تبدأ علّته في الرأس
ما يُشفى الجسم لو ما عالجوا رأسه
وحكمة الرأي تأتي من حكيم النّاس
وبـعضهم خبت صحراء جمجمة رأسه


أبياتُ هذه القصيدةِ مُشبعةٌ بالحِكم والأمثال الشعبية التي يفرزها الواقع الإجتماعي (ثمَّة قصائد أخرى أيضاً).فالشاعر الضباعي يستقيها من الواقع ، ويصبُّها في قالب شعري ، يجمع بين البساطةِ والعمقِ الفنيين. إنَّها مباشرةٌ عذبة . وهذا ما يمتازُ بهِ الشّعرُ العاميُّ البديع. كما تتميّز هذه القصيدة في مُعظم أبياتِها بالإستهلالات النغمية ، أقصد الموسيقى التي تتمثَّلُ بالقوافي المتكررة في أشطر الأبيات . فتكرار السِّين في له دلالة حزنٍ وأسى يُجسِّدُ موقف الشاعر من الحياة والمجتمع . وهذه القصيدة تتحرّكُ على حرْفِ السّين أساساً . على أيَّةِ حالٍ ، لا أُريد الآن أن أتحدَّث عن المجموعة الشِّعرية . فهذا الكلام مجرَّد تقديم ، وليس دراسةً فهو يحتاجُ إلى قراءةٍ نقديةٍ متسعةٍ وفائضة والتقديم مجال لا يسمح في أن يتحرَّكَ الناقدُ أكثرَ من ذلك ..  وليس مغالاةً في القول إنَّ الشاعر عبداللاه الضباعي في هذه المجموعة يحرث في أرضٍ وعرة ، كبعض المناطق اليمنية . وأخصَّ بالذكر بعض الأراضي في مديرية يافع التي ينتمي إليها الشاعر. وكنت ذات يوم وصفتها بـ ( الغزالة القرمطية) .إنَّه شاعرٌ يترجمُ مُناخ الواقعِ بغيوماتِه و شُمُوساتِه ، شاعر لا يُحلِّقُ في فضاءات التخييل الجاف ، والنرجسية البلهاء وما أجمل الشِّعر حينما يكون صادراً من القلب ! وما أجمله حين يعانق أبسط الأشياء ، ويرفع بها دون انفلاتٍأ وسوقية.. أو تكرار ٍ غث . هذه المجموعة حبلى بالسخرية . والشعراء الحقيقيون هم الذين يسخرون من ظواهر الواقع الرذيلة ، لأنهم يغارون على وطنهم وعلى شعبهم .  وقد جسَّد عشقه أو حبه للوطن (ثمَّة فرق بين اللفظتين) بقوله :



أُحب بلادي بلادي اليمن

وأعشقها رغم كل المحن

وأصلي وفصلي يماني النسب

أنا اليافعي الحميري اقترن
أُحبها رغـم كل الظروف

ورغم المآسي ورغـم الحـزن

سأبقـى وفـيَّــاً لها للأبد

وأفدي بروحي تراب اليمن

وعـن وحدة الشعب لن أرتضي

بديلاً وهذا قراري علن
فتبَّت يد العابثين بها

وتبَّت أيادي جميع الخَوَن)


هذه القصيدة تجسيدٌ حيٌّ وواقعي لمشاعر وإحساسات الشاعر عبداللاه الضباعي،ولعلَّ المتلقي يستطيع أن يحس بذلك من التوقيع الموسيقي المتدفّق الذي تجانس مع أدائية اللغة البسيطة وتعبيراتها التي تدل على الانتماء لليمن. ([1])















[1]))  الشاعر والناقد عبد الـرحمــن إبراهيــم, تقـديـم للمجوعة الشعرية الثالثة الموسومة بـــ(حالات) 2006م

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More