احصائيات المدونة

الأربعاء، 21 مارس 2012

ملامح الشعر العامي في قصيدة الشاعر عبداللاه الضباعي




ملامح الشعر العامي في قصيدة الشاعر عبداللاه الضباعي

مختار مقطري



في مقدمته للديوان الأول (يا خير أمة ) 2004 للشاعر عبدا لإله الضباعي يقول عادل سعيد الوطحي عن الشاعر: «نقش اسمه بين كبار الشعراء الشعبيين».. وفي لقاء ترتب جمعني بالشاعر الضباعي قال لي إنه غير راض عن تصنيفه شاعرا شعبيا.. وهو بذلك لايدفع تهمة، ولا يبحث عن صفة متواضع لمقارنته بالخالدي ..ولكنه يبحث عن تصنيف دقيق لما يكتبه من شعر وجده مختلفا عن ما يكتبه الخالدي وغيره من الشعراء الشعبيين كالمحلتي ومسرور مبروك، الأمر الذي أعاد إلى ذهني ما شغلني كثيرا في الشعر الشعبي والشعر العامي.. فالأول- كما أرى- غارق في المحلية وفي شعبية المكان والزمان حتى في معالجته لقضايا عامة فهو عفوي في مفرداته ومعانيه، وهو مباشر وتلقائي، تكثر فيه السخرية والنكتة الناقدة في نقده اللاذع للمجتمع والأفراد، وحظه قليل من الخيال ونصيبه غير كثير من الصورة الفنية، وقد يجنح للفصحى، ولكنه جنوح نادر لاقتباس تركيب لغوي لجملة متكاملة وليس للتوظيف مفردة أو اثنتين.. يقول المحلتي : كن كيفما شئت إن الأرض ولادة.وشعر الضباعي وفقا لذلك شعر عامي ، فهو لا يغرق في المحلية في مفرداته بل يرفل بجماله واشراقاته وتهاويحه بمفردات عامية لا غريب فيها ولاخشن ومبهم المعنى من قاموس لهجته (اليافعية) ولكنها مفردات يفهمها المتلقي اليمني في معظمها، ومعظم شعره ينم عن مراجعة وتمحيص وأعمال نظر وتفكير ورأى الشاعر المتذوق للشعر قبل إعلانه للجمهور، وهو مستحدث في مفرداته ومعانيه وفيه ميل لتوظيف بعض قواعد النحو توظيفا فنيا غير متكلف لإسناد الوزن ، دلالة على تنوع في ثقافة الشاعر واطلاعه الغني بحفظه لكثير من الشعر العربي والقرآن الكريم والثاني يبدو جليا في افتتاح كثير من قصائده بحمد الله والاستعانة به والثناء على رسوله الكريم وفي اختتامها على هذا النحو:- وشعر الضباعي شعر عامي في توظيفه للرمز المعنوي كما يقول في قصيدة)عميا خضبت مجنونة):



والأعمى يشاهد تلفاز

بيشوف الكرة من هو فاز

نفسه بالكرة محنونة

وفيها يقول:

الشاطر وقع بيد ابكم

شل الفائدة والمغنم

خلاها كذا معجونة



وشعره عامي في توظيفه لمفردات عاميه عامه, وفي إخضاع معظم شعره للمراجعة والتمحيص وفي المعاني التي يستحدثها والمعاني التي يعيد توظيفها في صور فنية جديدة فالشر لا يثمر سوى شر، فكرة قديمة في الفكر الإنساني، لكن الشاعر يصف زراعة الشر ببول الشيطان:        



يازارع بذور الأمل
في صحراء جديبة رمال
من يزرع بصحراء ورمل
مايحصد ثمر ذا محال
جاوب قال مافي بدل
مافي حل آخر بدال
بالتربة فقدنا الأمل
الشيطان بالحقل با

نقد لاذاع للواقع الذي أصبح كحقل بال فيه الشيطان وتربة لا ينبت فيها الأمل، ورغم تشاؤمية الفكرة..ولكنه التشاؤم المشفوع حين يضيق المدى بآمال الشاعر. ولأن الضباعي شاعر عاميّ، فشعره في تطور مستمر، فهو غير محكوم بالقوالب الشعرية المحكومة بالمحلية.. محلية المعاني ومحلية الموسيقى.. ففي ديوانه الأول «خير أمة» يبدو شعره لصيقا بموسيقى الزوامل في كثير من قصائد الديوان، ثم نجده في ديوانه الثاني (كلم جدار) يبني بيته الشعري بتفعيلات قليلة ومتنوعة كما في قصائد : (فقدنا الأمل، ويوم لك ويوما عليك) وغيرها..والأخيرة من بحر (الوافر):



هي الأيام مزرعة ابن آدم
ومن يزرع بها يجني ثماره
فمن يزوع بها خيرات ينعم
وعكسه من زرع يجني الخسارة


وواضح براعته في استخدام الضمير المنفصل (هي) في افتتاح البيت الأول للتأكيد على صحة ماينوي أن يقول من أن الأيام (فعلا) ليست أكثر من مزرعة لأن ابن آدم فيها يجني النوع الذي يزرعه. ويبدو أن الحياة المدنية التي عاشها الشاعر عبدالاله الضباعي اثرت في تحوله من الشعر الشعبي إلى الشعر العاميّ.. ففي شعره لين ومعانيه مشرقة حافلة بالضوء والظل واللون وأفكاره مبتكرة يستخلصها من تجاربه الكثيرة والمتنوعة في حياة المدنية.([1])





[1])) مختار مقطري , الأيام العدد" 4553"بتاريخ 7/8/ 2005م

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More